انتقلت عدوى سباق التسلح بين المغرب والجزائر إلى الضفة المتوسطية، إذ تعتزم مدريد الحصول هي الأخرى على صواريخ “هيمارس” الأمريكية، وذلك سعيا منها إلى “كبح” أي اختلال في ميزان القوى مع الرباط.
وذكرت منصة “ديفينسا” الإسبانية أن مدريد “انتهزت فرصة احتضانها معرض ‘FEINDEF’ الذي يجمع كبريات شركات التصنيع العسكري بالعالم من أجل بحث الحصول على صواريخ هيمارس الأمريكية التي حصل عليها الجار الجنوبي المغرب”.
وأضاف المصدر ذاته أن “إسبانيا من خلال برنامج التسليح SILAMالخاص بها تضع صواريخ هيمارس في مقدمة المشتريات العسكرية، إلى جانب منظومة إطلاق الصواريخ ‘أستروس أفيبراس’ البرازيلية، ومنصة إطلاق الصواريخ الإسرائيلية الفتاكة PLUS”.
هي إذن “نسمات رياح حرب تسلح جديدة بين المغرب وإسبانيا، عنوانها التهافت على السلاح الأمريكي، الذي بدأت تتشجع إدارة بايدن في تقديمه لشركائها الإستراتيجيين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وذلك سعيا منها إلى تدعيم قدرات الحلفاء”، بحسب ما تناقلته مصادر إعلامية أمريكية متطابقة.
ولا يخفي اليمين الإسباني امتعاضه من مسارعة الجيش المغربي إلى تحديث منظومته الدفاعية والهجومية، عبر الحصول على أسلحة متطورة من أمريكا وإسرائيل، إذ سبق أن تقدم حزب “فوكس” اليميني بمقترح قانون سنة 2020 لرفع ميزانية الدفاع من أجل مواجهة حملة التسليح التي تقودها الرباط، وهو المقترح الذي بقي في طي النسيان بدون جواب من حكومة سانشيز. لكن في ظل المعطيات التي كشفها المصدر سالف الذكر يبدو أن “الحكومة الاشتراكية بدأت طريقها في التنافس العسكري مع الرباط”.
عقيدة فرانكو
إحسان الحافيظي، الخبير في السياسات الأمنية، قال إن “صفقات التسليح التي قامت بها المملكة المغربية مؤخرا، وشملت أسلحة جد متطورة، وأخرى لا تعطى إلا للجيوش المحترفة، أصبحت تقلق الطبقة العسكرية بالجار الإسباني، وتضعها أمام سباق وهمي للتسلح”.
وأضاف الحافيظي، في حديث لهسبريس، أن “من المؤشرات التي تقلق مدريد الأوضاع الأمنية المحيطة بالمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، اللتين قد تعرف تخومهما البرية إنشاء قاعدة عسكرية مغربية، وهو الأمر الذي يفسر وجود سعي إسباني إلى الحرص على عدم وجود أي اختلال في ميزان التوازن العسكري مع الرباط”.
“تختلف الطبقة العسكرية عن المكون السياسي بإسبانيا، فالأولى مازالت متشبعة بفكر فرانكو، وتبقى رؤيتها للمغرب سيئة”، يستطرد الخبير في السياسات الأمنية عينه، مؤكدا أن “النخب العسكرية الإسبانية تعتبر الجيش المغربي كتهديد أولي، عكس الطبقة السياسية التي رغم الاختلاف بينها تعرف نظرتها نوعا من التقدم الإيديولوجي”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “الأزمات الحقيقية بين المغرب وإسبانيا في الغالب تبدأ في المجال العسكري؛ وإن كانت السجالات السياسية والأزمات الدبلوماسية تأخذ طابعا عابرا فإن الأزمات العسكرية كما حدث في أزمة جزيرة ليلى سنة 2002 تبقى راسخة في عقليات الجانبين، وسعي إسبانيا الحالي إلى تقليص الفجوة العسكرية مع الرباط التي أحدثتها صواريخ هيمارس دليل على ذلك”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر المغرب أول حليف لها في المنطقة، وهو ما يؤشر على إمكانية رفض واشنطن تقديم صواريخ هيمارس لمدريد”.
لا وجود لسباق تسلح
من جهته استبعد عبد الرحمان المكاوي، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن “تلجأ مدريد والرباط إلى سباق للتسلح، لأن الجيش المغربي بالأساس لا يهدف إلى التسابق مع الدول الأخرى، بقدر ما يهمه أن يطور من إمكانياته استجابة للتحديات الإقليمية”.
وأورد المكاوي في حديث لهسبريس أن “اقتناء المغرب صواريخ هيمارس له دوافع تقنية أكثر منها سياسية، وهي لن تنصب في اتجاه أي دولة إقليمية، بل موجهة أساسا لمن يريد أن يتقدم إلى الأراضي الجنوبية للمملكة”.
واستطرد الخبير العسكري والإستراتيجي بأن “العلاقات بين مدريد والرباط تأخذ بعدا إستراتيجيا، يشمل مستويات متعددة، ولا يمكن أن يأخذ الطابع التنافسي، خاصة مع تعزيز العلاقات بين البلدين خلال القمة الثنائية الأخيرة”.
المصدر: وكالات